لطلما ظننت ان الحياء والخجل لفظان مترادفان يحملان نفس المعنى الى ان قرأت قوله صلى الله عليه وسلم "الحياء كله خير":" فعلمت انهما مختلفان لان الخجل ممكن ما يكون خير ويكون نقمة على صاحبه.
أما كون الحياء خيراً كله ولا يأتي إلا بخير فقد يُشكل على بعض الناس من حيث إن صاحب الحياء قد يستحي أن يواجه بالحق من يجلُّه ، فيترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وقد يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق وجواب هذا ما أجاب به جماعة من الأئمة ؛ منهم الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله : أن هذا المانع الذي ذكرناه ليس بحياء حقيقة ، بل هو عجز وخور ومهانة ، وإنما تسميته حياء من إطلاق بعض أهل العرف ، أطلقوه مجازاً لمشابهته الحياء ". ((شرح النووي على صحيح مسلم : 2/5))
ولان الحياء شعبة من شعب الايمان كما اخبرنا بذلك سيد الانام لانه يبعث عن اجتناب القبيح فهو شعور نابع من الاحساس بالرفعة والعزة والانفة فكلما كانت النفس رفيعة عالية كلما استحيت ان اضعها في الرذيلة فهو صفة تكف صاحبها عما لايليق به فعندما تجد نفسك غير قادر على فعل القبيح فاعلم انه الحياء قال صلى الله عليه وسلم " ان مما ادرك الناس من كلام النبؤة الاولى اذا لم تستح فاصنع ما شئت".
ومن هنا يمكن ان ناكد على ان الحياء من الاخلاق الحميدة التي لاتشكل عائقا امام تحقيق الاهداف على عكس الخجل تلك الصفة المتولدة عن الخوف والضعف فقد تمنع صاحبها عن فعل الخير فلايستطيع ان يبدي نصيحة او راي نتيجة لخجله .
واذا كان الحياء علاقة للعبد بربه من جهة وعلاقة للعبد باخيه من جهة اخرى فان الخجل علاقة مرتكزة بالاساس على ردة الاخر اذ ان الانسان الخجول لو اتيحت له فرصة بعيدة عن الانظار لفعل ما منعه الخجل عن فعله على عكس المستحي فانه في علاقة دائمة مع حيائه مرتبطة باستحظارالرقيب سبحانه وتعالى سواء مع الناس او لوحده فالإنسان الحيي لا يستطيع أن يرى نفسه مهانة أمام الله أو أمام الناس أو حتى امام نفسه.
واذا كان الحياء صفة تميز صاحبها بقوة الارادة والتغلب على النفس اذ تسعى كل نفس زكية مومنة للتحلي بهذه الخصلة الحميدة فان الخجل قد يتحول الى مرض يسعى صاحبه الى التخلص منه فالحياء قوة وارادة والخجل ضعف واستكانة واحساس بالدنيوية والخوف من الاخر .