التعلم و التعليم.. الدايم ربي
يا ليت الزمن يرجع بي إلى الوراء..بكبسولة الزمن،كي أرى و أملآ عيناي ملء جفوني بجمال الطبيعة و الطبائع و المطبوعات، ليته يرجعني عقودا معدودات كي ألقي التحية على معالم التاريخ، على صانعي التاريخ، من العلماء . فأحيي طالب العلم الجلد الصبور..القانع الغيور، الرزين المتخلق العاقل الفطن.فأحكي معه و أطلعه على المستقبل الحزين الذي إذا ما طال عمره سيتخبط في مآسيه،سأخبره بأن وجهته في طلب العلم ستتغير فيسعى بدل هدفه النبيل إلى نبش الصخور من أجل الألقاب،يسعى إلى لُمٍ و جمع النقاط لكي يخزنها و يعبئها في كشف النقاط دون أن يأبه بمصداقيتها ..سأطلعه بأنه سيغش في كل امتحان يصادفه،و يقلل من شأن أي أستاذ يعلمه ،سأقول له بأنه سيتلاهى و يتهاون عن أداء واجباته و ينظر إلى العلم باحتقار و يظنه من اشد عقوباته. فما إن يدركه هذا الخبر المفجع سيخر على ركبتيه و يسألني حلا ينجع. بكل بساطة سأقول :لا يغرنك الغرب الغول،فان رضخت له ،ستصبح و تمسي كشحاذ ذليل.
وبعد أن أحييه تحية تمجيد و إكرام أمشي لألقى معلمه ،فأجده خاشعا كأنه يؤدي الصلاة،هادئا كريما ..في عرينه..وقورا متواضعا حكيما، بلا شك سوف يسألني عن حال التعليم في زمني، فأقول له بوجه عبوس:''إنا لله و إنا إليه راجعون''،لأن العلم أصبح يباع بعد الدوام و عند نفس الأستاذ في المدرسة، سأخبره بأن الأستاذ يلقي الدرس بالتيمم، و يحسب نفسه لواجبه أتقن..سأحكي و أحكي وأفرغ جعبتي و أهرع بالبكاء لأنقص همي و حزني..
وعندما أعود لزمني، أزور المقبرة بإكليل من الزهور كما يفعل العديد من المشاهير (!!) ففي يوم الطالب أقرأ الفاتحة و يوم المعلم سأدعو المغفرة و أتذكر الطالب و المعلم عندما كانا في ريعان شبابهما، بعزة نفسهما، بقوة شخصهما، بمكانتهما، باحترامهما..
و فجأة أجد نفسي أحلم..و أدعو إلهي ''يا ليت الرسالة تفهم''